على غير مألوف أغلبية المثقفين المغاربة والعرب من مختلف التيارات، اختار عبد الإله بلقزيز، الكاتب والمثقف القومي المغربي، أن يهاجم ثورات الشعوب العربية، عندما قال إن " ما يسمى الربيع العربي هو في الحقيقة ربيع الحركات الإسلامية.. وهو تطبيق مرن للفوضى الخلاقة التي ألطقتها الإدارة الأمريكية الجمهورية السابقة".
وأضاف بلقزيز في محاضرة افتتاحية لفريق الدراسات السياسية وماستر العلوم السياسية بكلية الحقوق بسلا، أمس الأربعاء، إنه لولا دعم الإدارة الأمريكية لما نجحت الثورات في تونس ومصر، وذلك بتدخلها لدى المؤسسة العسكرية في هاتين الدولتين لإرغامهما على الحياد وعدم التدخل ضد المنتفضين، فضلا عن التدخل المباشر في إطار حلف الناتو في ليبيا.
وأردف شارحا أن ما يجري في سوريا لا يمكن أن يسمى ثورة بأي حال من الأحوال، بل هو استدراج لحرب أهلية بدعم وتدخل من القوى الغربية وبعض الأنظمة العربية بتغطية إعلامية عربية ودولية منحازة، وأن خطأ المعارضة السورية أنها وضعت يدها في يد الامبريالية العالمية، متهما هذه المعارضة بالعمالة للقوى الغربية، وفي المقابل أثنى على من سماهم "المعارضة الوطنية" التي رفضت التعامل والتدخل الأجنبي والعنف المسلح والطائفية السياسية.
وتابع بلقزيز أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم في العالم العربي عبر ثلاثي الأنظمة والمعارضات والمجتمع المدني، وإنها تتحكم في كل طرف من هذه الأطراف في الوقت المناسب لضمان مصالحها الدائمة والحيوية في المنطقة.
وعلاقة بما يجري حاليا في مصر، قال عضو المؤتمر القومي العربي، إنه من الطبيعي "أن ينتفض الشعب المصري ضد الدكتاتورية الخرقاء للرئيس مرسي، الذي استبدل استبدادا مدنيا باستبداد ديني"، مشيرا إلى أن ما يحدث الآن في مصر يهدد مائتي عام من الحداثة السياسية في الوطن العربي.
بلقزيز أشار بالمقابل في محاضرته المشار إليها إلى أن ما نعيشه في ظل " ما يسمى بالربيع العربي" يؤشر على إرهاصات بروز نظام عالمي جديد، من خلال بروز توافق بين روسيا والصين، وأن العالم حاليا يعرف تعددية قطبية اقتصادية لم تترجم بعد إلى قطبية سياسية، وهو ما تبدو بوادره تلوح في الأفق مع التطورات السياسية الجارية في العالم العربي، لأن روسيا والصين وحلفاؤهما حسب المتحدث تنبهوا إلى أنهم خاسرون في العالم العربي مع صعود حركات سياسية متناغمة مع الإدارة الأمريكية، فـ "ليس في وسعنا القول أن السياسة الصينية والروسية مجرد مشاغبة على نص أمريكي"، على حد تعبير المحاضر الذي أكد أننا أمام بوادر تغير حقيقي في النظام الدولي.[center][b]